طنين الأذن أم حساسية الصوت؟ اعرف الفرق الآن!

هل تسمع أصواتاً غريبة أم تتألم من الأصوات العادية؟ اكتشف الفرق بين طنين الأذن وحساسية الصوت وأعراضهما لتعرف متى تستشير طبيباً.

 


هل تسمع أصواتاً غريبة لا يسمعها غيرك؟ أم أن الأصوات العادية تسبب لك انزعاجاً شديداً؟ اكتشف الفرق بين عدم تحمل الصوت وطنين الأذن وأعراضهما!

كثير منا قد يمر بلحظات يشعر فيها بانزعاج بسيط من صوت مزعج، أو يسمع صفيراً خفيفاً في أذنيه يختفي بسرعة. لكن ماذا لو أصبحت هذه المشاعر متكررة ومستمرة وتؤثر بشكل حقيقي على حياتك اليومية؟ هنا قد تكون أمام حالتين مختلفتين لكنهما مرتبطتان بحاسة السمع: طنين الأذن وعدم تحمل الصوت.

البعض قد يخلط بين هاتين المشكلتين، والبعض الآخر قد لا يعرف تحديداً ما الذي يعانيه. هدفنا في هذا المقال هو نوضح لك ببساطة الفرق بين عدم تحمل الصوت وطنين الأذن، ونسلط الضوء على أعراض طنين الأذن وأعراض عدم تحمل الصوت، عشان تقدر تفهم حالتك بشكل أفضل وتعرف متى تحتاج تستشير طبيب متخصص.

خلينا نتعمق أكثر في كل حالة على حدة.

# ما هو "طنين الأذن" (Tinnitus)؟

تخيل معي: أنت جالس في مكان هادئ تماماً، فجأة تبدأ تسمع صوت صفير مستمر، أو أزيز، أو نقر، أو حتى ما يشبه صوت تدفق الدم. هذا الصوت موجود في أذنك (أو كلتا الأذنين) أو في رأسك، لكن الغريب أنه لا يوجد له أي مصدر خارجي حقيقي! هذا هو طنين الأذن.

أبرز أعراض طنين الأذن:

الشكوى الأساسية هي سماع أصوات لا وجود لها في البيئة المحيطة، وهذه الأصوات قد تتخذ أشكالاً متعددة، منها:

* صفير (وهو النوع الأكثر شيوعاً).

* أزيز مستمر.

* صوت نقر أو طقطقة.

* همهمة أو وشوشة.

* أصوات نابضة تتزامن مع ضربات قلبك (وهذا نوع نادر يُسمى طنين الأذن النابض).

يمكن أن يحدث طنين الأذن في أذن واحدة فقط أو في كلتا الأذنين. شدة الصوت تختلف بشكل كبير بين الأشخاص؛ قد يكون خفيفاً ومحدوداً لا يؤثر على الحياة اليومية، أو قد يكون قوياً جداً ومزعجاً لدرجة أنه يسبب صعوبة في النوم، مشاكل في التركيز، ويؤثر سلباً على الحالة النفسية والمزاج.

من المهم أن نعرف أن طنين الأذن بحد ذاته ليس مرضاً، بل هو عرض يدل على وجود حالة كامنة. قد تكون هذه الحالة متعلقة بمشاكل في السمع (مثل فقدان السمع المرتبط بالعمر، أو التعرض لضوضاء عالية)، أو قد تكون مرتبطة بمشاكل صحية أخرى تماماً (مثل مشاكل الأوعية الدموية، اضطرابات الغدة الدرقية، أو حتى كعرض جانبي لبعض الأدوية).

# وماذا عن "عدم تحمل الصوت" (Sound Intolerance)؟

هذه الحالة تختلف جوهرياً عن الطنين من حيث مصدر المشكلة. عدم تحمل الصوت، الذي يُعرف أيضاً بـ فرط الحساسية السمعية (Hyperacusis)، لا يتعلق بسماع أصوات غير موجودة. المشكلة هنا هي رد فعل مبالغ فيه، غالباً ما يكون مؤلماً أو مزعجاً للغاية، تجاه أصوات خارجية تعتبر عادية جداً لمعظم الناس.

تخيل أن صوت غسالة الصحون وهي تعمل، أو صوت حديث الناس الطبيعي في مقهى، أو حتى صوت إغلاق باب السيارة، يسبب لك انزعاجاً شديداً، ألماً في الأذن، أو شعوراً بالضيق والتوتر! هذا هو جوهر عدم تحمل الصوت.

أعراض عدم تحمل الصوت:

تتضمن أعراض عدم تحمل الصوت ما يلي:

* الشعور بانزعاج شديد، ضيق، أو حتى ألم عند التعرض لأصوات معينة أو لشدة صوت معينة (حتى لو كانت منخفضة أو متوسطة للآخرين).

* الرغبة الشديدة أو الاضطرار لتجنب الأماكن الصاخبة أو التي تحتوي على أصوات محفزة للحالة.

* استخدام سدادات الأذن أو واقيات السمع بشكل متكرر وفي مواقف لا تستدعي ذلك عادةً.

* الشعور بالتوتر، القلق، الانفعال، أو حتى نوبات هلع نتيجة التعرض للأصوات.

* في بعض الحالات، قد يتسبب التعرض للأصوات في صداع أو غثيان.

هناك حالة قريبة من عدم تحمل الصوت تُسمى "الميزوفونيا" (Misophonia)، وهي تعني حرفياً "كراهية الصوت". في الميزوفونيا، يكون رد الفعل عاطفياً غالباً (غضب، اشمئزاز، قلق) تجاه أصوات محددة جداً (مثل صوت المضغ، التنفس، النقر على لوحة المفاتيح)، بينما فرط الحساسية السمعية أو عدم تحمل الصوت يركز أكثر على الانزعاج الجسدي أو الألم نتيجة شدة الصوت بشكل عام، بغض النظر عن نوع الصوت في كثير من الأحيان. ومع ذلك، قد تتداخل الحالتان أو توجدان معاً.

# إذن، ما هو الفرق الجوهري بين عدم تحمل الصوت وطنين الأذن؟

التمييز الأساسي بسيط وواضح ويرتكز على مصدر الصوت:

* طنين الأذن: تسمع صوتاً لا يوجد له مصدر خارجي مادي. الصوت ينشأ داخلياً في جهازك السمعي أو الدماغ.

* عدم تحمل الصوت (فرط السمع): تشعر بانزعاج مبالغ فيه، ضيق، أو ألم عند سماع صوت خارجي موجود فعلاً في البيئة المحيطة بك، لكن رد فعلك تجاه شدته أو نوعه غير طبيعي ومزعج.

باختصار: طنين الأذن هو أن "تسمع شيئاً لا يسمعه الآخرون (لأنه غير موجود خارجياً)"، بينما عدم تحمل الصوت هو أن "تنزعج بشكل مبالغ فيه أو تتألم من شيء يسمعه الآخرون بشكل عادي".

هل يمكن أن يعاني شخص واحد من طنين الأذن وعدم تحمل الصوت في آن واحد؟ نعم، هذا أمر شائع جداً. قد تظهر إحدى الحالتين وتليها الأخرى، أو قد يتواجدان معاً منذ البداية.

# الأسباب المحتملة لـ طنين الأذن وعدم تحمل الصوت

فهم الأسباب يمكن أن يساعد في إيجاد الحلول المناسبة.

أسباب طنين الأذن الشائعة:

* فقدان السمع (الأكثر شيوعاً)، سواء كان ذلك بسبب التقدم في العمر (الصمم الشيخوخي) أو التعرض للضوضاء الصاخبة المزمنة أو الحادة.

* التعرض المفاجئ لضوضاء شديدة جداً (مثل انفجار).

* انسداد قناة الأذن بالشمع.

* تغيرات في عظام الأذن الوسطى (مثل تصلب الأذن).

* مشاكل في الأوعية الدموية القريبة من الأذن.

* تناول بعض الأدوية (مثل بعض المضادات الحيوية، مدرات البول، الأسبرين بجرعات عالية، ومضادات الاكتئاب).

* إصابات الرأس أو الرقبة.

* اضطرابات المفصل الفكي الصدغي (TMJ).

* أورام العصب السمعي (نادرة).

أسباب عدم تحمل الصوت (فرط السمع) المحتملة:

* فقدان السمع (نعم، بشكل مفاجئ، فقدان السمع يمكن أن يجعل بعض الأصوات تبدو أعلى وأكثر إزعاجاً).

* التعرض لضوضاء عالية.

* إصابات الرأس، خاصة ارتجاج المخ.

* بعض الحالات العصبية مثل الشقيقة (الصداع النصفي) ومتلازمة التعب المزمن.

* الشلل النصفي الوجهي (Bell's Palsy) الذي يؤثر على عصب الأذن.

* جراحة الأذن.

* العوامل النفسية مثل القلق والتوتر المزمن قد تزيد الحساسية للأصوات.

# متى يجب عليك مراجعة الطبيب؟

إذا لاحظت أنك تعاني من طنين أذن مستمر لا يختفي، أو إذا بدأت تشعر بانزعاج شديد أو ألم من الأصوات العادية (عدم تحمل الصوت) لدرجة أن هذه الأعراض بدأت تؤثر على جودة حياتك، نومك، عملك، أو علاقاتك الاجتماعية، فلا تتردد أبداً في استشارة طبيب متخصص في أمراض الأنف والأذن والحنجرة (ENT) أو أخصائي سمعيات.

سيقوم الطبيب بتقييم حالتك، إجراء الفحوصات اللازمة (مثل فحص السمع)، ومحاولة تحديد السبب الأساسي للمشكلة. بناءً على التشخيص، سيقترح عليك الطبيب خيارات للتعامل مع الأعراض أو علاج السبب إذا كان ممكناً. قد تتضمن هذه الخيارات العلاج الصوتي (باستخدام أصوات خارجية للمساعدة في التعايش مع الطنين أو إعادة تدريب الأذن على تحمل الأصوات)، العلاج السلوكي المعرفي لإدارة التوتر والقلق المصاحب، أو استخدام أجهزة مساعدة للسمع إذا كان هناك فقدان سمع مصاحب.

في الختام، معرفة الفرق بين عدم تحمل الصوت وطنين الأذن وأعراضهما هي خطوتك الأولى نحو فهم ما يحدث لك والبحث عن المساعدة المناسبة. هذه المشاكل قد تكون مزعجة، لكن هناك دائماً طرق للتعامل معها وتحسين جودة حياتك. لا تتردد في طلب المساعدة الطبية المتخصصة. سلامتك أهم شيء!